طيف وقصة الحلم

قصة قصيرة بعنوان: طيف وقصة الحلم

بقلم: عتاب محمد عسيري

كانت “طيف” فتاة صغيرة في العاشرة من عمرها. تعيش في بلدة هادئة، محاطة بالحقول الخضراء. طيف كانت تلميذة في الصف الرابع الابتدائي. شعرها الأسود الطويل وعيناها البنيتان كانتا تميزانها. كانت تحب القراءة كثيرًا. مكتبة المدرسة كانت المكان المفضل لديها. كانت تجد في الكتب مغامرات رائعة تنقلها لعوالم جديدة.

كانت طيف تعيش مع والديها في منزل صغير ودافئ. كان والداها يعملان بجد لتوفير حياة جيدة لها، ودائمًا ما كانا يدعمانها في تحقيق أحلامها. وبما أن طيف كانت تحلم بأن تصبح كاتبة عندما تكبر، فقد كانت تستغل وقت فراغها في كتابة القصص.

وفي يوم من الأيام، أعلنت معلمتها عن مسابقة للكتابة، وكان الفائز سيحصل على جائزة قيمة. عند سماعها هذا الخبر، شعرت طيف بالحماس فورًا، إذ رأت في هذه المسابقة فرصة لتحقيق حلمها. لذلك، لم تتردد في اتخاذ القرار وقررت المشاركة على الفور. بدأت تفكر في قصة مميزة يمكنها أن تقدمها في المسابقة.

وبما أن طيف كانت تعشق القصص الخيالية منذ الصغر، قررت أن تكتب عن فتاة صغيرة تدخل عالمًا سحريًا. كل مساء، كانت تجلس في غرفتها الهادئة لتكتب. الأفكار كانت تتدفق بسهولة، والكلمات كانت تنساب على الورق بسلاسة تامة.

على مدى أيام متتالية، واصلت طيف كتابة قصتها بلا كلل أو ملل. كانت تستيقظ باكرًا كل يوم لتكمل الكتابة قبل الذهاب إلى المدرسة، ثم تستغل أوقات الراحة خلال اليوم في مراجعة ما كتبت. وفي كل خطوة من خطواتها، كانت والدتها تقدم لها النصائح المفيدة، مما ساعدها على تحسين قصتها بشكل ملحوظ.

وعندما انتهت أخيرًا من كتابة قصتها، شعرت طيف بالفخر الشديد. القصة كانت تدور حول فتاة تُدعى “سما”، تدخل إلى غابة سحرية وتلتقي بمخلوقات غريبة. وكانت المغامرات التي خاضتها “سما” مشوقة للغاية.

ومع اقتراب يوم تقديم القصص للمسابقة، بدأت طيف تشعر بالقلق. كانت تتساءل في نفسها: ماذا لو لم تعجب قصتها لجنة التحكيم؟ إلا أن والدتها، وكعادتها، طمأنتها بلطف قائلة: “الأهم أنك بذلت جهدك، ونحن فخورون بك بغض النظر عن النتيجة.”

وبعد أيام قليلة من الانتظار، وفي أحد الصباحات، دخلت المديرة إلى الصف بابتسامة عريضة، وأعلنت بفخر أن طيف هي الفائزة في المسابقة. عند سماع هذا الخبر، شعرت طيف بسعادة غامرة عندما قدمت لها المديرة شهادة تقدير وجائزة.

ومع مرور الوقت، أصبحت طيف مصدر إلهام لزملائها في الصف، الذين بدأوا يسألونها عن قصتها، ويطلبون منها نصائح للكتابة. وفي أحد التجمعات المدرسية، طلبوا منها قراءة قصتها أمام الجميع. في البداية، شعرت طيف بالخجل، لكن مع مرور الوقت قرأت بثقة كبيرة، بينما كان والداها ينظران إليها بفخر وسعادة من بين الحضور.

ومع مرور الأيام والأسابيع، أدركت طيف أن هذا الفوز لم يكن مجرد إنجاز عابر، بل كان بداية لتحقيق حلمها الأكبر. بدأت تكتب المزيد من القصص، وتشارك بعضها مع أصدقائها وبعضها الآخر مع معلميها.

وفي يوم من الأيام، أخبرتها معلمتها عن مجلة تبحث عن قصص جديدة، وشجعتها على إرسال قصتها الفائزة. بعد تفكير طويل، قررت طيف إرسال قصتها. وبعد أسابيع من الانتظار، تلقت رسالة من المجلة تخبرها بأنهم قرروا نشر قصتها. كانت تلك اللحظة من أسعد لحظات حياتها.

ومع مرور الوقت وتوالي النجاحات، استمرت طيف في الكتابة وتطوير مهاراتها. كانت تقرأ المزيد من الكتب يوميًا لتستفيد وتتعلم أكثر. وعندما وصلت إلى المرحلة الإعدادية، كانت قد كتبت بالفعل العديد من القصص، مما عزز من ثقتها بنفسها.

ومع مرور السنين، كبرت طيف وأصبحت كاتبة معروفة تنشر كتبها للأطفال والكبار على حد سواء. ومع ذلك، لم تنس أبدًا كيف بدأت رحلتها. كانت تقول دائمًا: “كل قصة أكتبها تذكرني بتلك الفتاة الصغيرة التي جلست في غرفتها وكتبت أول قصة.”

وفي النهاية، تعلمت طيف درسًا عظيمًا وهو أن الأحلام تتحقق بالعمل الجاد والإصرار المستمر. فالكتابة ليست مجرد كلمات على الورق، بل هي تعبير عميق عن الأفكار والمشاعر، وجسر متين يصل بين الكاتب وقرائه في كل مكان وزمان.

نتمنى ان تكون قصة طيف وقصة حلم بقلم صديقتنا عتاب محمد عسيري قد نالت استحسانكم. ويسرنا ان نقوم بنشر مقالاتكم وابداعاتكم وما عليكم سوى التواصل معنا عبر اتصل بنا.